كتبت د. إيمي حسين
لم يغرق حكامُ البحرينِ في بحرِ الخيانة، الا بعدَ ان غاصَ بعضُ مُتَسَيِّدي الامةِ العربيةِ وجامعتُهُم في محيطِ الانحطاط.
ولم تجرؤٌ شِرذمةٌ كهؤلاءِ على اشهارِ سيوفِ الغدرِ لفلسطين – التي يشحذونَها لسنين – الا بعدَ ان دفعَهم سيدُهم الى هذا الخراب..
لن ينجوَ هؤلاءِ الذين عادَوا شعوبَهم وفلسطين، مقابلَ فُتاتِ وعدٍ من عاجزٍ يبحثُ عن ورقةٍ في صندوق انتخاباتٍ امريكيةٍ او تائهٍ في السياسةِ والامنِ والاقتصادِ بينَ الخيباتِ الاسرائيلية.
سيَسقطونَ كما سقطَ اسلافُهم من المتخاذلين والمطبعين، ولن تَحميَهم اوهامُهم يومَ يقررُ شعبُهم واصواتُ القدسِ وفلسطينَ انزالَ القِصاصِ العادلِ بهؤلاءِ التائهينَ الحاقدين..
مشى آلُ خليفة بهديِ آلِ زايد ودفعِ آلِ سلمان، ظناً انهم سيَسلَمونَ أن باعوا القدسَ وفلسطينَ بثمنٍ بخس، ولم يتعظُوا من تجاربِ السابقين، ولم يَعرفوا انَ مَن رمَوهم في غيابةِ الجُبِ سيعودونَ اعزاءَ الامة، وسيُحيلون سِنيَّهم السمانَ الى قحطٍ سياسيٍّ مدقعٍ لا يضاهيهِ الا القحطُ الاخلاقيُ الذي يصيبُ هذه الزمرةَ الحاكمة.
لن تقعَ الامةُ بزلةِ هؤلاء، وستبقى عزيزةً ما دامَ فيها مقاومونَ شرفاءُ من اسوارِ القدسِ الى غزةَ وجنوبِ لبنان، والجولانِ وصنعاءَ وصعدةَ يطرقونَ ابوابَ نجران.. وستبقى الذلةُ سمةَ المطبعين والمستسلمين، وحتى الساكتينَ الذين باتوا يخونونَ الحق..
والحقُ يقالُ اِنَ اقوى الاوراقِ باتت اليومَ بيدِ الشعبِ البحريني العروبي اللاهجِ باسمِ فلسطينَ على طولِ السنين،
على امتداد أكثر من سبعين عاما، أثبت حكام الكيان الغاصب، أنهم لا يقيمون وزنا لعهد ولا يلتزمون أي قرار دولي، وهم يعتمدون التفاوض من أجل كسب الوقت وتثبيت خطواتهم على طريق تحقيق حلمهم الصهيوني باحتلال الأرض واستعباد الانسان من النيل الى الفرات، وصولا الى ما أبعد من ذلك بكثير.
في ضوء هذه الثوابت،
فقد كان لاتحاد الكتاب اللبنانيين والمثقفين والمفكرين واصحاب الفكر الموضوعي منذ ان بدأت مسيرة التطبيع الرسمي العربي مع كيان الاحتلال الغاصب، موقف رافض ومدين لهذا التطبيع،
داعيا الكتاب والادباء والمفكرين الاستراتيجيين الى شرح مخاطر الصهيونية على التقدم الحضاري للإنسانية جمعاء، وقد وقف هذا الموقف أيضا الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الذي حرص على تضمين بياناته الختامية لمؤتمراته كافة، رفض وإدانة كل أنواع التطبيع مع الكيان الغاصب.
ان اتحاد الكتاب اللبنانيين، الذي يعيش مع شعب لبنان وسكانه وضيوفه، مآسي الانفجار المدمر لعاصمة الثقافة، والإبداع، والفن، وملتقى الحضارات، بيروت الأبية، يجدد موقفه الثابت والدائم برفضه أي نوع من أنواع التطبيع مع العدو الصهيوني، ولاسيما ان مسارات التطبيع من كمب دافيد الى أوسلو ووادي عربة، واتفاقات أخرى ما تحت الطاولة وما فوقها، لم تردع هذا العدو عن تنفيذ مخططاته التوسعية الاستيطانية قيد أنملة، بل على العكس شكلت له ذريعة لمحاصرة الأمة وعلى الأخص الأقطار العربية التي تقيم تطبيعا رسميا معه، والشواهد كثيرة لمن يريد ان يقرأ بموضوعية وتجرد من الأهواء السياسية والمصالح الآنية.