Deal of the day

البلد الأرجواني .. فينيقيا

Posted In غير مصنف

كتبت .. سهر سمير فريد

فينيقيا .. فوينيكِس Phoinnkē وتعنى “البلد الأرجواني”، كانت حضارة سامية قديمة ثالاسوقراطية (أي إنها إمبراطورية بحرية) نشأت في شرق البحر الأبيض المتوسط وغرب الهلال الخصيب قبل 2500 عام قبل الميلاد، ويوافق العلماء عموما على أنها تشمل المناطق الساحلية في شمال فلسطين اليوم ولبنان وجنوب سوريا وصولا إلى الشمال مثل أرواد، ولكن هناك بعض الخلاف حول مدى امتدادها جنوبا، وأبعد منطقة يقترح أنها عسقلان. وصلت المستعمرات في وقت لاحق إلى غرب البحر الأبيض المتوسط (أبرزها قرطاج) وحتى المحيط الأطلسي، وانتشرت الحضارة عبر البحر المتوسط بين 1500 قبل الميلاد و 300 قبل الميلاد. فينيقيا هو مصطلح يوناني قديم يستخدم للإشارة إلى المنتج الرئيسي المصدر من المنطقة، وهو قماش مصبوغ بأرجوان صور (الأرجوان الملكي) من رخويات صدف مريق، ويشير المصطلح إلى المدن الساحلية الكنعانية الكبرى، وهو لا يتوافق تماما مع الهوية الثقافية التي كانت معترفا بها من الفينيقيين أنفسهم. تكونت حضارتهم من دول مدن، على غرار اليونان القديمة، وربما كانت أبرزها صور وصيدا وأرواد وبيروت وجبيل وقرطاج. كل دولة مدينة كانت وحدة مستقلة سياسيا، ولا يوجد أدلة أثرية تثبت أن الفينيقيين قد اعتبروا أنفسهم جنسية واحدة. من حيث علم الآثار واللغة ونمط الحياة والدين، لا يوجد اختلاف كبير يفصل الفينيقيين عن غيرهم من سكان بلاد الشام. حوالي 1050 قبل الميلاد، تم استخدام الأبجدية الفينيقية لكتابة الفينيقية. أصبحت واحدة من أكثر أنظمة الكتابة استخداما، وانتشرت من قبل التجار الفينيقيين في جميع أنحاء العالم المتوسطي، حيث تطورت واستوعبت من قبل العديد من الثقافات الأخرى. يعتقد المؤرخ اليوناني سترابو أن الفينيقيين نشأوا من البحرين. ويعتقد هيرودوت أيضا أن موطن الفينيقيين كان البحرين. وقد قبلت هذه النظرية من قبل الفنان الألماني أرنولد هيرين في القرن التاسع عشر الذي قال: “عند الجغرافيين اليونانيين، على سبيل المثال، نقرأ عن جزيرتين، تدعى تيروس أو تايلوس، وأرادوس، التي تفاخر بأنها كانت الدولة الأم للفينيقيين، وعرضت آثارا المعابد الفينيقية “. وكان شعب صور في جنوب لبنان على وجه الخصوص يحافظ على أصول الخليج العربي لفترة طويلة، وتم التعليق على التشابه في عبارة Tylos ” تيلوس “و” صور ” Tyre. ازدهرت حضارة دلمون في البحرين خلال الفترة من 2200-1600 قبل الميلاد، كما يتضح من عمليات التنقيب عن المستوطنات ومدافن دلمون. ومع ذلك، يزعم البعض أن هناك القليل من الأدلة على وجود استيطان على الإطلاق في البحرين خلال الفترة التي كان من المفترض أن تحدث فيها هذه الهجرة. لم يمل الفينيقيّون إلى إقامة دولة قويّة على غرار البابليّين والآشوريّين والمصريّين إنّما كانوا مقسّمين إلى عدّة دويلات-مدن، وكان التّنافس سائدًا بينها، وتعود أسباب عدم إيجاد الوحدة السّياسيّة بينها إلى ما يلي: التّنافس التّجاري فيما بينهم وصعوبة المواصلات “جبال-غابات-أودية-مسالك وعرة”. وبالرّغم من عدم توصّل المدن الفينيقيّة إلى إيجاد الوحدة السّياسيّة، فقد كان التّحالف أحيانًا يتمّ بين بعضها تحت زعامة إحدى المدن الكبرى بدافع الخوف من أخطار خارجيّة كانت تهدّدها. امتدت المدن الفينيقية في العصور القديمة، على المنطقة الساحلية من مدينة أوغاريت في شمال سورية (رأس شمرا الحديثة) إلى عكا بشمال فلسطين، بطول يبلغ حوالي 322 كيلومترا. ثم استوطنوا السواحل الشرقية لقبرص وذلك لغناها بالنّحاس والحجارة الكريمة، ثمّ لوفرة حبوبها وخمورها وزيتونها، ولموقعها الوسط بين عالمين. وبنوا المخازن على معظم ساحلها. اهتمّوا بمناطق كيليكيه وطرطوس، ومن هنالك وصلوا إلى رودس المواجهة للشّاطئ. استقرّوا في كريت وجزر “السّيكلاد”. ولكنّهم لم يتعدّوا الدّردنيل في إنشاء المستعمرات بسبب المسافة. وإن تكن قوافلهم قد وصلت إلى شواطئ البحر الأسود وأرمينيا. لم تكن قرطاجة (يقال أيضا قرطاج) أوّل مستعمرة أُنشئت في شمال أفريقيا، بل سبقتها مستعمرة “يوتيقا” (سنة 1000ق.م) على نهر مجردة، و”زارتيس” (بنزرت). وسُمّيت قرطاجة (المدينة الحديثة) تمييزًا لها عن جارتها “يوتيقا” (المدينة العتيقة). وقد شيّدت حوالي 814 ق.م. لتكون صلة الوصل بين صور والمستعمرات الفينيقيّة. وقد اختار لها الصّوريّون موقعًا استراتيجيًّا بين الحوضين الشّرقي والغربي للمتوسّط. تتّصل برًّا بالقارّة الأفريقية، وبحرًا بمختلف المحطّات والمخازن والمستعمرات الفينيقيّة في الغرب. و قد أصبحت قرطاجة الوريثة الشرعية لمدينة صور بعد سقوط هذه الأخيرة وكونت امبراطورية تجارية أصبح يضرب بها المثل في الازدهار والرقي. كما تجدر الإشارة ان فينيقيي قرطاج لقبوا بالبونقيين كمزيج بين الفينيقيين وسكان شمال أفريقيا الأصليين.

الكاتبة باحثة دكتوراه بكلية البنات – جامعة عين شمس – مصر

اترك رد

TVs and Audio Category